أخبار عاجلة

الأصولية. بقلم. اللواء خالد عبدالسلام

. وضحنا فى مقالنا السابق حقيقة أزمة العقل العربى وهو الصراع القائم بين ما يمكن أن نطلق عليهم الأصولية والعلمانية والمؤمنون بكل طائفة منهم وكذلك النسبة الاعظم من شعوبنا والتى تزيد عن 96% من شعوبنا وهم الحائرون بين هاتين الطائفتين واوضحنا أن الأصوليين هم تلك الطائفة المؤمنة بأننا إذا أردنا أن نحقق التقدم والرقي والحضارة التى كان عليها أجدادنا في عهد الدولة الإسلامية فعلينا أن نتمسك بالتراث بكل ما فيه وبما له وما عليه ولكن التساؤل الهام الذي نحاول أن نجيب عليه اليوم هو لماذا فشلت الأصولية فى عصرنا الحالي في بناء حضارة قوية وعظيمة مثلما حدث فى الماضى ؟ ولماذا لم تتمكن الأصولية من إقناع النسبة الاعظم من المسلمين بها؟ ومن قدرتها على بناء وصناعة حضارة قادرة علي مواجهة ومناطحة سائر الأمم والحضارات ؟ ولكى نحاول أن نجيب على هذه التساؤلات علينا أن نعود بالذاكرة إلى نهاية القرن الثالث الهجري ومطلع القرن الرابع الهجري وبصرف النظر عن اختلاف الرأي حول غلق باب الاجتهاد أو أن الاجتهاد ليس له باب ليغلق فمن المؤكد أن حركة الاجتهاد والفكر الإسلامي إن لم تكن قد توقفت تماما فعلى احسن تقدير تأثرت بشكل سلبى كبير جدا وتعطلت إلى حد كبير نتيجة خشية بعض الحكام الفاسدين على عروشهم وسطوتهم من فتاوى العلماء والمجتهدين. وهذا الغلق أو التعطل جعل الفقه الاسلامي لم يواكب تطور كافة العلوم الحديثة والتي ظهرت جميعها عقب هذا التاريخ مثل علم الاقتصاد وعلم السياسية وعلوم الطب الحديثة ومسائله المستحدثة كزراعة ونقل الاعضاء والتبرع بها وعلوم الصيدلة والتداوى ……. الخ من العلوم الحديثة ولم يواكب الفقه الاسلامي هذه المستجدات والقفزات العلمية الهائلة بل وقف مكانه جامداً حتى شعرنا فجأة بضرورة أن نجد الفتاوى الفقهيه القادرة على مواجهة هذه المستجدات العلمية فكانت الصدمة هائلة بالنسبة لهم فى عدة أمور من وجهة نظري المتواضعة هى :. اولا ما هو العلم المراد البحث فيه والوصول إلى حلول واجابات شرعية ودينية تساعد على تقدم الأمة وبناء حضارة قوية واعتقد أن من أكبر أخطاء هذا التيار كان إصرارهم على اعتبار العلوم الشرعية والفقهية هى العلوم التى تقود إلى التقدم والازدهار وفى الوقت الذى وصل فيه العالم الغربي الغير مسلم إلى الفضاء وقطع أشواط هائلة في صناعة التكنولوجيا وعلوم الطب والهندسة والفيزياء كان هذا التيار يناقش الماء الصالح للوضؤ والماء الاسن ووضع اليد خلال الصلاة هل هى على البطن ام على الصدر بل وانغمس هذا التيار فى دعوة الأمة إلى الشاذ من الفتاوى والتراث لمحاولة الظهور وإثبات تواجدهم على الساحة وكان الاسلام دين حديث تم اكتشافه أو ظهوره هذه الأيام فقط وأن عبادتنا السابقة قبل هذه التيارات كانت على خطأ ومن وجهة نظري المتواضعة أن موروثنا من التراث والفقه الإسلامي يفى تماما بكل احتياجاتنا فهو موروث ضخم وثرى جدا ومتنوع حتى ما قد يستجد من مسائل فقهيه نادرة فإن لدينا العديد والعديد من العلماء والجهات العلمية الموثوق بها لحل اى مشكلة قد تظهر. لكن العلم المراد البحث فيه هو كل العلوم الطبيعية والفزيايية مثل علوم الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والاقتصاد والسياسة وذلك تحت مظلة الفقه الاسلامي وهى العلوم التى تعطل الاجتهاد ولم يواكبها للوصول للأحكام المستنبطة من الشريعة أو على الأقل المتوافقة معها فمثلا ما هو الحل والرؤية الإسلامية الواضحة في مشكلة نقل وزراعة الأعضاء أو مثلا ما هي نظرية الاقتصاد الديني وقواعده وكيفية إدارة البنوك والأموال بها بعيد عن شبهات الفوائد الربوية كل هذا ما يجب أن يدور البحث فيه للوصول إلى آراء علمية مدروسة بعناية فائقة وتكون قادرة على مواجهة العالم واقناعه بجدواها أكثر مما لديهم من حلول ونظريات حتى يتركوا ما لديهم ويتبعوا منهجنا فمثلا الاقتصاد الدينى نجد كل من تحدث فيه من العلماء المسلمين قال بوجوب أن يكون الاقتصاد الديني عادلا وان يكون متوازنا دون أن يجدوا النظرية العلمية والأسلوب المقنع والعلمى والعملى لتحقيق هذا العدل والتوازن فضلا على ذلك أن كل هولاء العلماء وجهوا دراستهم وحديثهم للمسلمين ونسوا أن الاقتصاد علاقات متشابكة ومتداخلة بين كل البشر ويجب أن يكون علمهم وحديثهم مقنع ومشجع لغير المسلم قبل المسلم لأتباعه .
خلصنا في النقطة السابقة إلى أن أولى اسباب فشل الأصولية الإسلامية في صناعة حضارة هو ترك كل مجالات العلم التى تحتاجها الأمة لصناعة اى حضارة أو تقدم والتركيز على مجالات العلوم الشرعية والفقهية المكتملة اصلا على مدار أكثر من أربعة عشر قرناً على يد كل المجتهدين والمفسرين الاجلاء على مدى تاريخنا الإسلامي ثم يأتي الحديث إلى ثانى اسباب فشل الأصولية فى صناعة حضارة هو العالم القادر على الرؤية الثاقبة وقيادة الأمة علمياً وفكريا ودينيا وان يكون هذا العالم عالم شامل جامع لكل علوم الدين وهي عديدة مثل القران وعلوم القران وتفسير القران والحديث وعلوم الحديث وتفسير الحديث والفقه وأصول الفقه واللغة العربية…… الخ بالإضافة إلى ذلك أن يكون هذا العالم عالم شامل جامع لفرع العلم المراد مواكبته مثل مثلا علم الاقتصاد السياسي ليكون قادرا على استنتاج واستنباط والوصول إلى نظرية شاملة جامعة لما هو علم الاقتصاد الديني ولا تكون مجرد عبارات مطاطة غير واضحة باختصار لم يستطع التيار الأصولي من إيجاد عالم فى علم احمد زويل أو مجدى يعقوب ويكون ذات الشخص في فقه ابوحنيفة أو الشافعي أو مالك أو ابن حنبل ليستطيع أن يستنبط من قواعد العلم والفقه معا أسس وقواعد العلم الدينى الذي يستطيع أن يقنع المسلم وغير المسلم _ فى ظل تشابك المصالح العالمية _ على اتباعه والأخذ به لجدواه الافضل بدلا مما لديهم في الغرب وهنا لا يجب أن نتهم الأصولية الإسلامية بالتقصير فوجود هذا العالم بهذه الخصائص والمواصفات يكاد يكون مستحيلا في ظل وجود التخصص بل والتخصص الدقيق فى كل مناحي وجهات العلم حتى فى الأزهر الشريف وجامعته فهناك مثلا تخصص الشريعة الإسلامية والتخصص الدقيق الفقه الاسلامي أو اصول الفقه ورغم علمى ويقيينى باستحالة قدرة اى عقل بشرى على الإلمام بكل علوم الدين بالإضافة إلى كل تفاصيل فرع العلم المستهدف البحث فيه الا انى على يقين من قدرة علماءنا في الأزهر الشريف وجامعته من إيجاد حلول لهذه المعضلة وصناعة هذا العالم المطلوب فى خلال عشرين أو ثلاثين سنة. ثالثاً كان الهدف الأساسي لقادة ومؤسسين هذه التيارات الأصولية جميعها باختلاف مسمياتها هو هدف سياسى محض هو الوصول إلى السلطة والحكم ولم يكن أبدا من أهدافهم بناء حضارة قوية ونمو بل كانت هذه هى اهداف واحلام جزء كبير من مريديهم والمقتنعين بهم فاضطر هولاء القادة إلى استغلال اهداف واحلام هولاء التابعين لهم كشعارات زائفة لدغدغة مشاعرهم وبسط وفرض السيطرة عليهم ولكن كانت دائما شعارات بلا محتوى او مضمون . فضلا عن ذلك فشل هولاء القادة فى استقطاب علماء دين حقيقيين قادرين على صناعة أجيال تستطيع بناء حضارة قوية رابعا لقد اتبعت كل الجماعات الأصولية فى سبيل الوصول إلى السلطة والحكم والحفاظ عليهم مبدأ ولاية الفقيه رجل الدين وإذا سألت من المقصود بالفقيه رجل الدين قالوا طبعا قادتهم وامراءهم لانه الافقه فى الدين وربما يكون ذلك حقا داخل الجماعة ولكن ليس بالضرورة أن يكون هو الافقه داخل الأمة ليطالب بالولاية على الأمة كلها هذا من جهة ومن جهة أخرى ما الرابط بين الفقيه ورجل الدين فبادئ ذى بدء الاسلام لا يوجد به رجل الدين لأن الإسلام لا يوجد به كهنوت أو واسطة بين العبد وربه فكل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو رجل دين بل الاسلام به عالم للدين وهذا ما يمكن أن يوافق مفهوم الفقيه إذن إذا اتفقنا على هذا المبدأ فيجب أن نميز هنا. أن ما يجعل شخص يطلب لنفسه الولاية على الآخرين أنه حامل للعلم وليس لأى شيء آخر إذن الولاية الحقيقة للعلم وليس لحامل العلم ولكن التساؤل هنا وفى ضوء كل ما سبق ذكره وعرضه اى علم هو صاحب الولاية وقبل تتصارع الأسئلة بداخلك سيدى القارئ فكل العلوم بلا استثناء صاحبة ولاية إذن فما هو العلم الاولى بالولاية لنصنع الحضارة والتقدم والازدهار هنا يجب أن نتساءل عن مفهوم الولاية واعتقد من وجهة نظري المتواضعة أن العلماء حاملى العلوم جميعهم أشبه بمجموعة ملاحين يقومون بتوجيه القبطان قائد السفينة والممسك بالدفة إلى الاتجاه الصحيح من كل ما سبق يتضح لنا جليا لماذا فشلت الأصولية الإسلامية في صناعة حضارة وازدهار ولماذا فشلت فى إقناع الغالبية العظمى من الأمة فى صحة منهجهم وخطواتهم فى قيادة الأمة. واخيرا اليك ربى اقدم قولى فاللهم تقبله واجزنى عليه فلم اكتبه الا إيمانا واحتسابا لك قاصدا وجهك الكريم فإن كنت أصبت فما توفيقى الا بك وان كنت أخطأت فأغفر لى اللهم خطئ وزلتى وقلة حيلتي

شاهد أيضاً

استقرار مصر وخطه لتجاوز الازمات

بقلم / سمير سيد معوضاحسن وزير الإسكان المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية …