الخرسان .....
الطلاق الصامت يعبر عن غياب الحوار والتواصل بين الطرفين، أو كما يسميه علماء الاجتماع “بظاهرة الخرسان”، وهي مؤشر على عدم رغبة أي طرف في الحديث مع الطرف الآخر، فيغيم الصمت والخرس عليهم.
الأخطر …، يتجلى في إخفاء القطيعة النفسية خارج البيت للحفاظ على الشكل الاجتماعي للأسرة، والحفاظ على هذا الشكل يتم خوفاً من وصمة العار للقب “مطلق أو مطلقة”، وخصوصاً لقب مطلقة للزوجة، ولكن عند العودة إلى البيت يقوم الطرفان بالعودة إلى حالة الطلاق النفسي.
مواقع التواصل الاجتماعي لها دور كبير في تفاقم هذه الظاهرة ، حيث تتحدث العديد من الدراسات على أن الأزواج يلجؤوا إلى شبكات التواصل الاجتماعي من أجل البحث عن بديل يمكن التواصل معه، وهذا ما يعزز ظاهرة الطلاق النفسي ،
فهو يعمل على إيجاد شريك حتى لو كان وهمياً من أجل التعويض النفسي المفقود داخل الأسرة .
وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل في بعض الحالات إلى بدا علاقات عاطفية مع طرف أخر ، وهذا ما يمارسه طرفا العلاقة الزوجية ، وان كان الرجل هو الا كثر في ممارسة هذا النوع .
ان مايتعرض له الازواج من الضغوط اليومية والمعيشية ، والروتين القاتل في بناء العلاقة ، وتحديداً عدم مشاركة الزوج زوجته في الهموم اليومية ، والاختلاف الفردي في التنشئة الاجتماعية بين الزوجين هي اهم الاسباب التي تسبب هذه الظاهرة المرضية القاسية ، القاتلة ، المؤذية التي تقضي علي حياة الاسرة ،
وإلى جانب ذلك تلعب الأوضاع السياسية ، والأمنية من جانب أخر – دورا في التأثير على الحياة الزوجية للأسر داخل البيت .
ولكن يمكن أن تكون هذه الظاهرة مؤقتة إذا استطاع أحد الطرفين المبادرة في المصارحة والحوار، والعمل على هيمنة قوة الحب التي تجمع بين الطرفين، إلى جانب ذلك حنكة أحد الطرفين في ممارسة فن التواصل من خلال أسلوب الحديث، واختيار التوقيت المناسب للنقاش، والقدرة العالية على الأقناع والتأثير، بالإضافة إلى الحصول على المساعدة من خبراء العلاقات الزوجية على الصعيد النفسي والاجتماعي.
وغالباً ما تصبح المرأة متزوجة على وضع مطلقة، وأكثر يصبح الاكتئاب أفضل من الطلاق، بل ويصبح الوسواس القهري ثمن قبول الطلاق الصامت، بالإضافة إلى ذلك يتحول حلم الزواج وبناء الأسرة إلى كابوس، وأكثر يتحول الزواج إلى محاولة الانتحار، ولذلك ينصح العلماء إذا لم يتم التوصل إلى حلول بين الزوجين أن يتم الطلاق الحقيقي لأنه أفضل للزوجين والأبناء أيضاً.
ولذلك تعتبر المرأة أكثر معاناة بسبب الطلاق الصامت من الرجل، ويكمن السبب أن هناك قيود أخلاقية وقيمية وضعت على المرأة تمنعها من ممارسة هذا الفعل، وأكثر إن المرأة غالباً ترفض أن تنظر إلى نفسها على أنها خائنة¹، ولا تستطيع قبول تلك النظرة تجاه نفسها، وهو ما يجعل الكبت لديهن أعلى ويُشكِّل خطورة حقيقية على صحتهن النفسية والعقلية.
حاولت العديد من النظريات التي تفسير هذه الظاهرة، منها نظرية تعدد الأجيال ومن خلالها يفترض “أن الفرد والأسرة يعيشون ضمن نظام عاطفي، وهذا النظام يتطور داخل الأسرة ويتم تنميته خلال سنوات طويلة ، و أن هذا النظام ينتقل بين الأجيال ، فعند غياب هذا النسق العاطفي بين الأفراد، يصبح هناك أثار سلبية على الأسرة برمتها كلها “
وعندما لا يتقبل أحد الزوجين الخسارة النفسية يسعى إلى هدم الآخر .
وعندما لا يستطيع أحد الزوجين حسم الصراع يضطر إلى المهادنة كي لا يتعرض لخسائر مادية ونفسية وهنا يلجئ إلى الانفصال العاطفي .
إن مقارنة الشريك مع الآخرين يؤدي إلى عدم القناعة بالشريك ، وكذلك البحث عن الحب المثالي بين الأزواج يؤدي إلى أثار سلبية في العلاقة بين الزوجين ، وهنا نؤكد انه من المهم ان نتعلم تقبلنا لأنفسنا بالرغم من الأخطاء، والبعد عن لوم الذات .
الخلاصة
إن الطلاق الصامت لا يمكن أن ينشأ في العائلات الفقيرة فقط ، بل ايضا ينشأ في العائلات الغنية أيضاً .
ولذلك قراءة الظاهرة من حيث الفروق الطبقية غير دقيق، لأن الفقر ليس السبب الأساسي في نشوء هذه الظاهرة ، لأن هذه الظاهرة تحتاج إلى التعمق فيها أكثر .
و على الرغم من وجود عقبة رفض الأزواج المصارحة ، والحديث حول الوضع النفسي بينهم يمكن قراءة الظاهرة في ظل نشوء ثقافة العولمة، وتحويل العالم إلى قرية صغيرة، وادخال ثقافة الاستهلاك والحداثة والتي تؤثر على معظم العائلات داخل بنية المجتمع.
غدا صباح مصري جديد ،،،،
مؤثرات الطلاق الصامت علي الأسرة، والأبناء ، وكيف يمكن التغلب عليها … ؟
تحياتى وتقديري واحترامي ،،،
#دسميرالمصري